المشاركات الشائعة

المدخل

الشيخ / أبو عمر عبده بن عبد الحميد بن عبده الزغبي : ( من مواليد 1389هـ  دمياط – مصر )

بسم الله الرحمن الرحيم
 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الكريم، أنزل الله عليه القرآن
(نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) حجة على العالمين، وتكفل الله بحفظه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). فاختار الله من شاء من عباده واختصهم بتعلمه وحفظه وتعليمه وتدبره والعمل به.
وقد لقيت الشاطبية اهتماما كبيرا من قراء الأمة، ولما تعثر على أمثالنا استنباط رموزها، وثقل علينا فهم شروحها، وعز علينا فراقها، عزمت على تيسيرها، إذ لما قرأت على الشيخ المهندس / أحمد فهمي سلامة رحمه الله (ت:1433هـ)، رواية الإمام حفص ثم رواية الإمام ورش، ورغبت أن أقرأ السبعة جمعا فأشار عليّ أن أُكمل بالإفراد، إلى أن أُتم حفظ الشاطبية وأتمرن على القراءات إفرادا قبل الجمع، وذكر لي أن ذلك هي سنة القراء، فسعيت في ذلك، أكمل القراءات إفرادا بل وجمعا، وشرعت في حفظ متن الشاطبية ولكني وجدت صعوبة في نطقها وفهمها، فأخذت أقرأ في بعض شروحها، وأسأل المشايخ عن معانيها، فوجدت فيها – مع علو همة مؤلفيها، وسابق قدمهم إليها، وغزارة العلوم فيها - إسهابا تارة أو استطرادا لفائدة تارة أو إيجازا تارة أخرى، لكني كنت أسعد بما أقرؤه، وأوجز بعض ما أفهمه، وأدعو لشراحها بالخير.
وقد قرأت على الشيخ حسنين محمود حسنين حفظه الله قراءة الإمام ابن كثير المكي، وسورة البقرة بقراءة الإمام حمزة.
وقرأت على الشيخ الطبيب / رائد السهلي حفظه الله قراءة الإمام الكسائي، وسورة البقرة بقراءة الإمام حمزة، وجزءًا من رواية الإمام حفص بقصر المنفصل.
وقرأت على الشيخ عبد الله يحيى بن أواه الشنقيطي حفظه الله رواية الإمام قالون عن نافع المدني.
وقرأت على الشيخ عبد الله الأمين الشنقيطي – رحمه الله – قراءة أبي عمرو البصري من أول المصحف إلى سورة المؤمنون، ولما حان وقت إجازتنا تواعدنا بإتمامها أول أسبوع من الدراسة، لكنه مرض ومات بعد أشهر في المدينة المنورة رحمه الله.
وقرأت على الشيخ سيد سند رحمه الله قراءة الإمام ابن عامر الشامي، وطلبت منه أن أقرأ السبعة فأشار عليَّ بإكمال حفظ الشاطيبة، فعزمت على إكمال حفظها وفهمها وتيسير شرحها، وشرعت في ذلك.
وقرأت على الشيخ عدنان المرضي حفظه الله قراءة عاصم من أول المصحف إلى قصة عاد بسورة هود، ولم أكمل بسبب وقته وانتقاله إلى مكان بعيد عنا، أسأل الله أن ينفع به.
وقرأت القراءات السبعة جمعا على الشيخ حسن المحلاوي حفظه الله وشفاه، وبعد انتهائي منها علمت بوفاة الشيخ سيد سند رحمه الله، فحزنت لذلك حزنا شديدا وعزمت على إتمام شرح الشاطبية.
ولما انتهيت من شرحها رغبت في مراجعتها قبل عرضها على المشائخ، وهنا أذكر بالثناء الجميل، والفوح العبير الشيخ الحبيب / محمد عوض الحرباوي حفظه الله، إذ لما حدثته عن إعدادي هذا، أطاب نفسي بفرحته، وزاد من همتي ببسمته، ووعدني بمراجعته، وعرض عليّ بسط ما أشاء من مكتبته، فسعيت في أمري بجدي، أستعين بربي، وأزيد من جهدي، لكن لسبب ما ومع انشغالي بأعمال أخر ضاع الشرح ؛ فشرعت أجمع بقايا المسودات الباقية، وأخذت في إعداده كأذخر زاهية، وأتممت قراءة القراءات الثلاثة المتممة للعشرة على الشيخ حسن المحلاوي نفع الله به.
وبعد مضي أشهر سمعت برحيل الشيخ أحمد فهمي إلى مصر؛ فحزنت حزنا شديدا، لكن لم أتراجع عن إتمام عملي في شرح الشاطبية فاستعنت بالله أسأله التوفيق، فأعددت أحسن ما في الشروح، وزدت البيان والوضوح، واخترت اللفظ السهل والفصيح، وأفصحت عن تنظيم مليح، وقدمت التصريح على التلميح. وأسأل الله فيها الإخلاص والقبول، والنفع للأمة وزيادة الهمة.
ولما انتهيت من إعداد هذا الشرح عام 1430هـ، طبت به نفسا، وقد أكثرت من النظر فيه مراجعة وضبطا واستذكارا، وطلبت من الإخوة المشائخ الفضلاء مراجعة هذا الكتاب فأجابوني لذلك راغبين فأسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء، ولكني لم أشأ أن أطبعه، غير أني وضعت بعضه على مدونتي بالنت...
وبعد سنتين تقريبا فجعت بمرض شيخنا حسن المحلاوي، وقد مكث عدة أشهر متنقلا بين بعض مستشفيات الرياض، ثم سافر إلى مصر ليتم باقي علاجه، شفاه الله.
ثم فجعت بعد عدة أشهر بأشد من ذلك بوفاة شيخنا أحمد فهمي رحمه الله في شهر ذي الحجة 1433ه. آجرنا الله في مصائبنا.
ومع ذلك لم أترك فرصة للتقصير عن القراءة تعلما وتعليما ومدارسة، فقد قرأت على الشيخ ماجد اللبودي حفظه الله رواية الإمام حفص عن عاصم بقصر المنفصل من طريق طيبة النشر.
كما قرأت على الشيخ/ محمد فخر الدين حفظه الله قراءة الإمام حمزة براوييه خلف وخلاد من طريق الشاطبية.
ولما ألح عليَّ بعض الإخوة في طلب نشر هذا الشرح ... راجعته وأعدت من صياغته بطريقة مبتكرة وذيلت في هامشه موافقات القراءات الثلاثة المتممة للعشرة من طريق الدرة، لتعم فائدته... وإني لأرجو الله تعالى أن يرزقني البر والتقوى، والإخلاص في كل عمل صغر أو كبر، إنه على كل شيء قدير.
وقد علا الشاطبي - رحمه الله – بنظمه في الابتكار والجدية، فرمز للقراء السبعة ورواتهم في نظمه برموز حسب الترتيب الأبحدي (أبحد هوز حطي كلمن...) وإليك بيان رموز نظم الشاطبية مع القراء ورواتهم:
(أ) نافع
(ب) قالون
(ج) ورش
(د) المكي
(هـ) البزي
(ز) قنبل
(ح) أبوعمرو البصري
(ط) دوري أبي عمرو
(ي) السوسي
(ك) ابن عامر
(ل) هشام
(م) ابن ذكوان
 (ن) عاصم
(ص) شعبة
(ع) حفص
(ف) حمزة
(ض) خلف
(ق) خلاد
(ر) الكسائي
(س) أبو الحارث
(ت) دوري الكسائي
(ث) الكوفيون وهم: عاصم وحمزة والكسائي
(خ) القراء السبعة غير نافع
(ذ) ابن عامر والكوفيون
(ظ) ابن كثير والكوفيون
(غ) البصري والكوفيون
(ش) حمزة والكسائي
(صحبة) شعبة وحمزة والكسائي
(صحاب) حفص وحمزة والكسائي
(عم) نافع وابن عامر
(سما) نافع والبصري والمكي
(حق) المكي والبصري
(نفر) المكي والبصري والشامي
(حرمي) نافع والمكي
(حصن) نافع والكوفيون

ولعلك أخي القارئ الكريم أن تجد في هذا الشرح ما تسعد به أُنْسا وتطيب به نَفْسا، فقد اجتهدت في عمل الآتي لكل بيت:
1- بيان معاني مفردات كلمات البيت وخاصة المحتمل صعوبتها، مع بيان ما وجد من مصطلحات.
2- بيان القراء المصرح بهم في البيت إن وجدوا، وبيان القراء المرموز لهم إن وجدوا أيضا.
3- شرح البيت شرحا سهلا يوافق ترتيب نظم البيت إن أمكن، وإذا احتوى البيت على قراء أو رموز فقد أهتم فقط ببيان القراءة والقراء، مع بيان ما خالف الشاطبي في نظمه أصل طريقه.
4- التنبيه على بعض الفوائد والحكم المبثوثة في الشاطبية.
5- التوضيح، وذلك عند كثرة الأقوال وتشابهها.. مع بيان ذلك بالمثال في الهامش أسفل الصفحة.
6- إدراج موافقات واختلافات القراء الثلاثة المتممين للعشرة من طريق الدرة في الهامش أسفل الصفحة.
وقد جعلت مع التعليق عندما أذكر لفظ (المدني) في الشرح فإنه يعني أن قراءة (الإمام أبو جعفر) توافق قراءة (الإمام نافع) ؛ فكلاهما كان في المدينة، فإن كان هناك اختلاف يسير في القراءة أدرجته في الهامش، فإن كان الاختلاف بائنا اكتفيت بذكر لفظ (نافع).
وكذلك عند ذكر لفظ (البصري) في الشرح فإنه يعني أن قراءة (الإمام يعقوب) توافق قراءة (الإمام أبي عمرو)، فإن كان هناك اختلاف يسير في القراءة أدرجته في الهامش، فإن كان الاختلاف بائنا اكتفيت بذكر لفظ (أبي عمرو) ؛ فكلاهما كان في البصرة.
 وقد اعتمدت في النظم على النسخة المراجعة من قبل الشيخ / محمد تميم الزعبي حفظه الله، لما جاء فيها من ثناء المشايخ عليها.
وقد سميت هذا الشرح (إشراق المعاني شرح حرز الأماني) في القراءات السبع للإمام الشاطبي رحمه الله، وسميت الهامش (إتمام المعاني في إيضاح القراءات) من طريق الشاطبية والدرة، فكان شرح أصول القراءات في المجلد الأول، وشرح فرش الحروف في المجلد الثاني، وخصص المجلد الثالث لبيان أصول وفرش كل راو من السبعة مع ما انفرد به، وكنت أرغب في إعراب كل بيت ولعل ذلك أن يكون في مجلد آخر.
وأخيرا فهذا جهد المقل، فما كان من حسن فمن الله وحده، وأسأله أن يتقبله مني، ويبارك فيه ويحسن خاتمتنا، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله منه.
وأسأل الله أن ينفع بهذا العمل كاتبه ومراجعه وناشره وقارئه وسامعه آمين.
                
إعداد
خادم القرآن الكريم
عبده عبد الحميد الزغبي